تهدف العملية التعليمية ـ التعلمية إلى إحداث تغيير في سلوك المتعلم إما بإزالة هذا السلوك أو إكسابه أنماط سلوكية جديدة ، حيث يكون التعليم فعالاً بقدر نجاحه في إحداث التغير المقبول والمرغوب فيه في سلوك المتعلم .
وما لم يقم المعلم بوضع أهداف واضحة ومحددة وإخبار طلابه بها فقد ينصب اهتمامه في اتجاه آخر يحقق أشياء وأمور أخرى غير تلك التي يقصدها ويهدف إليها ، وبذلك يسيء المعلم توجيه جهود طلابه بدلاً من توجيهها نحو الأهداف المطلوبة .
* دور الأهداف في العملية التعليمية ـ التعلمية :
وضع الأهداف يشكل الخطوة الضرورية الأولى في أية عملية تعليمية ، وتعتبر الموجه الرئيس لكل من المعلم والمتعلم على حد سواء .
فعلى المعلم أن يعرف ماذا يريد من طلابه أن يتعلموا ، وكيف يجب أن يسلكوا بعد التعليم . وعلى المتعلم أن يعرف الأداء الذي يجب عليه القيام به بعد التعلم . وتتضح أهمية دور الأهداف في ثلاثة مجالات هامة هي : المنهج ، والتعليم ، والتقويم .
ـ من حيث المنهج : فالأهداف تساعد القائمين على أمور التربية بوضع المناهج التي تحقق الغايات التربوية على النحو الأفضل . وما يطرأ على المجتمع من تغير يصاحبه بالضرورة تغير موازي في أهداف التربية ، الأمر الذي يتطلب تعديل المناهج القائمة وتصميم مناهج جديدة تناسب تلك الأهداف ، وبذلك يتبين دور الأهداف كموجه لعملية وضع المناهج وتطويرها .
ـ من حيث التعليم : تساعد الأهداف المعلم على اختيار الوسائل والطرق والإجراءات المتعلقة بتخطيط وتنفيذ العملية التعليمية ـ التعلمية وذلك يساعد بدوره في توجيه جهود كل من المعلم والمتعلم نحو جعل العملية التعليمية أكثر فعالية ونجاحاً وعدم بذل الكثير من الجهد والوقت في نشاطات لاتتطلبها العملية التعليمية .
ـ من حيث التقويم : تساعد الأهداف على الوقوف على مدى فعالية التعليم ونجاحه في تحقيق التغير المطلوب في سلوك المتعلم ، ومالم توضع الأهداف فلن يستطيع المعلم من القيام بعملية التقويم وبالتالي لن يتعرف على مصير الجهد الذي بذل في عملية التعليم ، سواء كان هذا الجهد من جانب المعلم أو المتعلم أو من جانب السلطات التربوية الأخرى ذات العلاقة .
مستويات الأهداف
يميز التربويون بين فئتين من الأهداف هما :
1) فئة الأهداف التربوية : وتشير إلى الغايات القصوى للعملية التربوية وتهدف إلى التأثير في شخصية الفرد لجعله مواطناً صالحاً يتسم باتجاهات وقيم معينة .
2) فئة الأهداف التعليمية : وتشير إلى الأغراض التي تهدف إليها العملية التعليمية ـ التعلمية ، والتي تتضح في عملية اكتساب الفرد أنماط سلوكية أدائية معينة من خلال المواد الدراسية وطرق التدريس التي تحدث من خلال المواقف المدرسية .
وتعتبر عملية تحويل الأهداف التربوية إلى أهداف تعليمية مهمة رئيسية من مهام علم النفس التربوي . فالأهداف التعليمية هي تحديدات سلوكية أو أدائية للأهداف التربوية ، فالفرق الحقيقي بين الأهداف التعليمية والأهداف التربوية يكمن في درجة العمومية والتخصيص التي تتصف بها هذه الأهداف ، وبناءً على ما سبق يمكن تصنيف الأهداف إلى ثلاثة مستويات هي :
1) المستوى العام للأهداف :
في هذا المستوى تكون الأهداف شديدة العمومية والشمولية والتجريد ، وهي تصف المحصلة النهائية لعملية تربوية كاملة ، أو الأهداف الواسعة النطاق التي تهدف إليها مرحلة دراسية أو مراحل دراسية ، ومن أمثلة هذه الأهداف :
• تنمية القيم الدينية والخلقية .
• تنمية المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب .
• تنمية المواطنة عن طريق اكتساب المعلومات والمهارات والاتجاهات المرتبطة بقضايا الوطن والأمة .
• تعلم الدور الاجتماعي المناسب لجنس التلميذ ( ذكر أو أنثى ) .
• إعداد الفرد مهنياً بحيث يصلح لأداء عمل معين بعد التخرج .
ويضع هذه الأهداف غالباً لجان أو هيئات وطنية تضم رجال الدين والعلم والفكر والسلطة والسياسة
2) المستوى المتوسط للأهداف :
وهو مستوى أقل عمومية وأكثر تخصيصاً من المستوى السابق حيث تتحدد فيه أنماط السلوك النهائي الذي يصدر عن التلاميذ الذين ينجحون في تعلم وحدة معينة من وحدات المقرر الدراسي ، أو مقرر كامل ، أو مجموعة من المقررات الدراسية ، وإذا أردنا تحويل الهدف العام السابق " تنمية المهارات الأساسية في القراءة والكتابة " إلى أهداف متوسطة ـ على سبيل المثال ـ فيمكن صياغتها على النحو التالي :
• التعرف على الحروف الأبجدية وتسميتها .
• كتابة عدد معين من الكلمات الواضحة المقروءة في وقت معين .
• كتابة جملة أو فقرة قصيرة لا تزيد الأخطاء الإملائية عن عدد معين فيها .
• قراءة وفهم بعض القصص التي تنشرها مجلات وكتب الأطفال .
ويضع هذه الأهداف بعض الهيئات والسلطات التربوية المسئولة عن وضع المناهج وتأليف الكتب الدراسية .
3) المستوى المحدد ( الخاص ) للأهداف :
يشير هذا المستوى إلى الأهداف ذات الدرجة المرتفعة من التحديد والتخصيص . وهو مستوى تفصيلي كامل وتسمى بالأهداف السلوكية أو الأدائية وتهتم بوصف السلوك أو الأداء الذي يجب على المتعلم القيام به بعد الانتهاء من تدريس وحدة دراسية معينة ، وإذا أردنا تحويل أحد أهداف المستوى المتوسط السابق " التعرف على الحروف الأبجدية وتسميتها " إلى أهداف محددة ـ خاصة ـ على سبيل المثال ـ يمكن صياغتها على النحو التالي :
قدرة التلميذ على التمييز بين الحروف المتماثلة والتي يسهل الخلط بينها مثل الحروف ب ، ت ، ث ، والحرفين س ، ش و س ، ص والحروف ج ، ح ، خ ، والحرفين ف ، ق ، والحرفين ذ ، ز وهكذا ، ويضع المعلم هذه الأهداف وقد يساهم المدير أو الموجه والمشرف التربوي في صياغتها .
يهتم علم النفس التربوي بصفة خاصة بالأهداف السلوكية حيث تقع مسئولية إعدادها وصياغتها بالدرجة الأولى على عاتق المعلم .