التعبير من أهم مهارات اللغة ، وهو بين فروع اللغة غاية ننشد الوصول إليها ، أما سائر فروع اللغة الأخرى فهي وسائل مساعدة للوصول إلى هذه الغاية ، فالقواعد وسيلة لصون اللسان والقلم عن الخطأ في التعبير ، والإملاء ومعه الخط وسيلة لرسم الكلمات والجمل رسماً إملائياً صحيحاً واضحاً ليتضح التعبير ، والقراءة تزود القارئ بالمادة اللغوية ، وألوان المعرفة والثقافة التي تثري القدرة على التعبير ، وكل هذه الفروع في نهاية المطاف وسائل لجودة التعبير بنوعيه الشفهي والكتابي ، على اختلاف أغراضهما إن كانت وظيفية أو إبداعية .
والتعبير كما نعرف وسيلة الإفهام ، وأحد جانبي عملية التفاهم وهو الإرسال ، فإذا كان الإرسال صحيحاً واضحاً ، سهل عملية الاستقبال الفعال ، وهي الجانب الآخر من عملية التفاهم ، بل لا يتم الاستقبال الصحيح الفعال إلا بصحة الإرسال الواضح السليم الذي هو التعبير بشقيه الشفهي والكتابي .
والتعبير إلى جانب ذلك ، أداة تقوية الروابط الفكرية والاجتماعية بين الأفراد ، ووسيلة التواصل ، وإذا ما أخفق الإنسان في تعبيره ، كان ذلك مدعاة لفقدان الثقة بالنفس ، والتعثر في النمو الفكري والاجتماعي ، قد ينعكس على حياته كلها ، وإن تحقيق الإنسان لأهدافه يعتمد كثيراً على دقة تعبيره وقوته ، فإذا جانب التعبير الدقيق شخصاً ما ، أضاع فرص الوصول إلا ما يريد ، وهذا يذكرنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " وإن من البيان لسحراً " وبالقول المأثور " المرء بأصغريه ، قلبه ولسانه " .
إن احتياجات العصر تقتضي الاهتمام بالتعبير ، والتدريب عليه ، والتمكن منه لدى المتعلمين ، فالعصر عصر الانفجار المعرفي ، حيث تتضاعف المعرفة بسرعة متنامية ، وهو عصر العلم وتطبيقاته ، وهو عصر المد الديمقراطي حيث تزداد حاجة الناس ومطالبهم بسيادة الديمقراطية ، وكل هذا يتطلب من الإنسان الذي يعيش هذا العصر ، أن يفكر فيما يقول أو يكتب ، وأن ينتقي كلماته وأفكاره ، وأن يعرض فكره بصورة منطقية معتدلة ، وكل هذا يتطلب أن يخطط الإنسان لما سيقول أو يكتب ، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا بنوع من التعليم المنظم والمقصود .
إذن لا بد من تنمية قدرة المتعلمين على المحادثة أو المناقشة ، وكتابة الرسائل والتقارير ، ولا بد من إرشادهم إلى مصادر الحصول على الأفكار والمعلومات ، التي تعلمهم البحث عن المعرفة والتعلم الذاتي ، لا بد أن تهتم المدرسة بجعل المتعلم قادراً على القيام بالمطالب أو الوظائف أو المهام التي يتطلبها منه المجتمع الذي يعيش فيه ، لا بد من تدريب المتعلم على التعبير في المواقف الطبيعية التي تنشأ في حياتهم المدرسية ، وحياتهم العادية ، وذلك بتناول موضوعات تشغل أذهانهم ، وأذهان الرأي العام من حولهم ، وتلك التي يدركونها ويحسونها ، وأن يدرب التلاميذ على أن يعبروا عن أفكارهم ، لا عن أفكار المدرس أو غيره من الكبار الذين سمعهم أو قرأ لهم .